كيف يؤثّر التصميم المعماري في سلوك البشر؟

يمكن أن يؤثر تصميم المبنى أيضًا على الصحة العقلية ، حيث أن استخدام الأشكال العضوية المنحنية يمكن أن يخلق إحساسًا بالهدوء والاسترخاء ، في حين أن الأشكال الزاويّة يمكن أن تخلق إحساسًا بالتوتر والضغط.

لطالما كان للهندسة المعمارية تأثير كبير على علم النفس البشري والصحة العقلية ، كما يتضح من العديد من الدراسات على مدى العقود القليلة الماضية ، حيث أن الطريقة التي نصمم ونبني بها تؤثر على الطريقة التي نشعر بها ونتصرف ونفكر بها ، ولدى الهندسة المعمارية القدرة على إنشاء مساحات تعزز الرفاهية العقلية أو المساحات التي يمكن أن تسهم في القلق والتوتر والاكتئاب.

يعد الضوء الطبيعي أحد أهم جوانب العمارة التي تؤثر على الصحة العقلية. أظهرت الدراسات أن الوصول إلى الضوء الطبيعي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على مزاجنا ورفاهيتنا. على سبيل المثال ، وجدت دراسة نشرت في مجلة علم النفس البيئي أن العاملين في المكاتب الذين لديهم المزيد من الضوء الطبيعي أبلغوا عن رضاهم الوظيفي بشكل أكبر ومشاكل صحية أقل من أولئك الذين يعملون في المكاتب ذات الإضاءة الاصطناعية. وجدت دراسة أخرى نشرت في المجلة الأمريكية لعلم النفس السريري أن المرضى في الغرف ذات الضوء الطبيعي ، يتعافى بشكل أسرع من الجراحة ويحتاج إلى مسكنات أقل من تلك الموجودة في الغرف ذات الإضاءة الاصطناعية.

بالإضافة إلى الضوء الطبيعي ، يمكن أن يؤثر استخدام اللون في العمارة أيضًا على الصحة العقلية ، وفقًا لعلم نفس اللون ، وهو دراسة كيفية تأثير الألوان على سلوك الإنسان وعواطفه ، حيث يرتبط اللون الأزرق غالبًا بالهدوء والسكينة ، بينما يرتبط اللون الأحمر مع الإثارة والطاقة. أظهرت الدراسات أن استخدام ألوان معينة في الهندسة المعمارية يمكن أن يساعد في خلق الحالة المزاجية أو الجو المطلوب. على سبيل المثال ، وجدت دراسة نشرت في مجلة علم النفس البيئي أن المشاركين في غرفة مطلية باللون الأزرق أبلغوا عن شعورهم بالاسترخاء والهدوء أكثر من أولئك الموجودين في غرفة مطلية باللون الأحمر.

جانب آخر مهم للهندسة المعمارية التي تؤثر على الصحة العقلية هو استخدام المساحات الخضراء ، حيث ثبت أن المساحات الخضراء ، مثل المتنزهات والحدائق ، لها تأثير إيجابي على الصحة العقلية ، كما نشرت دراسة في المجلة الدولية للبحوث البيئية و وجدت الدراسة الأمريكية العامة أن التعرض للمساحات الخضراء مرتبط بانخفاض مستويات التوتر والقلق والاكتئاب ، كما وجدت الدراسة أن قضاء الوقت في المساحات الخضراء يحسن الوظيفة الإدراكية والانتباه.

يمكن أن يؤثر تصميم المبنى أيضًا على الصحة العقلية ، حيث أن استخدام الأشكال المنحنية والأشكال العضوية يمكن أن يخلق إحساسًا بالهدوء والاسترخاء ، في حين أن الأشكال الزاويّة يمكن أن تخلق إحساسًا بالتوتر والضغط ، وقد وجدت دراسة نشرت في مجلة علم النفس البيئي أن أفاد المشاركون في غرفة ذات جدران منحنية أنهم يشعرون بمزيد من الاسترخاء والراحة من أولئك الموجودين في غرفة ذات جدران بزاوية.

يمكن أن يؤثر تخطيط المباني أيضًا على تدفق الحركة والتفاعل ، مما قد يؤثر على الديناميكيات والعلاقات الاجتماعية.وجدت دراسة نشرت في مجلة الهندسة المعمارية وأبحاث التخطيط أن تصميم دور رعاية المسنين كان له تأثير كبير على رفاهية الناس أفاد الأشخاص الذين كانوا أكثر انفتاحًا وتمكنوا من الوصول إلى الهواء الطلق بمستويات أعلى من الرفاهية والرضا من سكان المرافق ذات التصميم الأكثر إحكامًا.

من الأمثلة على كيفية استخدام الهندسة المعمارية لتعزيز الصحة العقلية هو الاتجاه المتزايد “للتصميم الحيوي” ، أو كما يُعرف بالتصميم الحيوي ، وهو ممارسة دمج العناصر الطبيعية في تصميم المباني والمساحات ، بهدف خلق صلة بين الإنسان والطبيعة. يمكن أن يشمل هذا النهج استخدام المواد الطبيعية ، مثل الخشب والحجر ، بالإضافة إلى دمج النباتات الحية وخصائص المياه. لقد ثبت أن التصميم البيوفيلي له تأثير إيجابي على الصحة العامة ، حيث أظهرت الدراسات أن التعرض للعناصر الطبيعية يمكن أن يقلل من التوتر والقلق ويحسن الوظيفة الإدراكية.